7 ـ ويخبرنا الرسول المبارك بولس بما ينبغي لكل واحد منا أن يسعى للحصول عليه في هذه الحياة إذ يقول ” إننا نعلم أنه إن نقض بيت خيمتنا الأرضي فلنا بناء من الله، بيت غير مصنوع بالأيدي، بل هو أبدي في السموات” (1كو1:5) لذلك يجب علينا جميعًا أن نجتهد ونسعى بكل نوع من الفضيلة، وأن نؤمن أننا سنقتنى ذلك البيت ونمتلكه منذ الآن. لأنه إن كان بيت جسدنا ينقض فليس لنا بيت آخر للنفس لكى تدخل فيه. يقول الرسول ” وإن كنا لا بسين لا نوجد عراة” (2كو3:5) أي عراة من شركة الروح القدس والاندماج فيه، هذا الروح الذي فيه وحده تستطيع النفس المؤمنة أن تجد راحة.

لهذا السبب فإن المسيحيين الذين هم مسيحيون بالحق وبالفاعلية يكون لهم ثقة ويفرحون عند خروجهم من الجسد لأن لهم ذلك البيت غير المصنوع بالأيدي، ذلك البيت الذي هو قوة الروح الساكن فيهم. لذلك فحتى إن نقض بيت الجسد فلا يخافون لأن لهم البيت السماوي بيت الروح والمجد الذي لا يفسد، ذلك المجد الذي سوف يبنى بيت الجسد أيضًا ويمجّده في يوم القيامة كما يخبرنا الرسول ” فالذي أقام المسيح من الأموات سيحي أجسادكم المائتة أيضًا بروحه الساكن فيكم” (رو11:8)، وقال أيضًا ” لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا المائت” (2كو11:4)، وأيضًا ” لكي يُبتلع المائت من الحياة” (2كو4:5).

8 ـ فلنسعَ إذن بالإيمان والحياة الفاضلة لكى نقتنى ذلك اللباس هنا، حتى حينما نخلع الجسد لا نوجد عراة، إذ لا يكون هناك شيء في ذلك اليوم يجعل جسدنا ممجد. لأن كل واحد بقدر ما يُحسب أهلاً ـ بواسطة الإيمان والاجتهاد ليصير شريكًا للروح القدس بقدر ذلك يتمجد جسده في ذلك اليوم. فكل ما خزنته النفس في داخلها في هذه الحياة الحاضرة، سوف يعلن حينئذ وينكشف من الخارج ظاهرًا في الجسد.

وكما أن الأشجار التي تجوز موسم الشتاء، حينما تدفئها الحرارة غير المنظورة التي للشمس والرياح، ينمو من باطنها كساء من الأوراق ويغطيها، وكما أنه في ذلك الموسم تخرج زهور العشب من باطن الأرض وتتغطى الأرض وتكتسي بها، ويكون العشب مثل تلك الزنابق التي قال عنها الرب ” إنها ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها” (مت29:6) وكل هذه أمثال ونماذج ورموز عن المسيحيين في القيامة. كذلك كل النفوس التي تحب الله أعنى المسيحيون الحقيقيون فإنه يأتيهم أول الشهور الذي يسمى نيسان:

الذي هو يوم القيامة. وبقوة شمس البر يخرج مجد الروح القدس من الداخل فيكسو ويغطى أجساد القديسين ـ ذلك المجد الذي كان لهم سابقًا، ولكنه كان مخفيًا في داخل نفوسهم. فإن ما يكون للإنسان الآن، سوف يظهر بعينه خارجًا من الداخل وينكشف في جسده.

عظة ق مقاريوس الكبير ٥

Categories:

Comments are closed