الانشغال بالهدف الواحد

: 

10ـ ولكن من غير الممكن لأي إنسان أن يقتنى نفسه (لو 19:21) وأن يقتنى المحبة السماوية ـ محبة الروح، بدون أن يجعل نفسه غريبا عن كل الأشياء المختصة بهذا العالم، ويبذل نفسه في طلب حب المسيح، ويتجرد عقله من كل الاهتمامات المادية والارتباكات الأرضية لكى يكون مشغولاً انشغالاً كليا بالهدف الواحد، ويتصرف في كل هذه الأشياء بواسطة الوصايا كلها، حتى أن كل اهتمامه وسعيه وكل انهماك وانشغال نفسه، يكون منحصرًا في اكتشاف الجوهر العقلي غير المادى، وفي كيفية تزيّين النفس بالوصايا والفضائل، وبالزينة السماوية ـ زينة الروح، وبالشركة في نقاوة المسيح وقداسته ـ حتى إذا تخلى عن كل شيء، وتحرّر من كل العوائق الأرضية والمادية، وانطلق حرًا من المحبة الجسدية،

سواء كانت تعلقًا بالوالدين أو الأقرباء، فإنه لا يدع عقله أيضًا ينشغل أو يرتبك بأي أمر آخر مثل السلطان، أو المجد العالمي، أو الكرامات، وصداقات العالم الجسدية، أو أى أفكار أرضية أخرى بل يصير كل اهتمام عقله وانشغاله وتلهفه منحصرًا في طلب جوهر النفس العقلي، وبكل قلبه ينتظر بتوقع ورجاء مجيء الروح عليه، كما يقول الرب: بصبركم اقتنوا أنفسكم” (لو19:21) ” وأيضا اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم” (مت33:6). 

11 ـ فالإنسان الذي يسعى هكذا ويجتهد، ويكون محترسا دائمًا، سواء بالصلاة أو بالطاعة، أو بكل نوع من الأعمال الإلهية، هذا الإنسان يستطيع أن ينجو من ظلمة الشياطين الأشرار.

من عظات ق مقاريوس الكبير العظة ٩

Categories:

Comments are closed